لم يكن ستاربكس إلا متجراً صغيراً لبيع القهوة المحمصة حتى قام بنشر إعلان يطلب فيه مديراً للتسويق بخبرات جيدة، حتى يقوم بعمل المهام التسويقية التقليدية للمتجر. وبعدها تقدم عدد من المتقدمين لشغل الوظيفة، وكان من بينهم شاب يبدو عليه الذكاء، يُدعى هارود شولتز، فما هو سر نجاح علامة ستاربكس!
فمن هو هارود شولتز وما علاقته بنجاح علامة ستاربكس؟
كان شولتز شابا لطيفا له خبرات تسويقية في عدد من شركات التسويق وقد أظهر تميزاً كبيراً في هذا المجال، لذلك كان مؤهلاً بجدارة للالتحاق بالوظيفة في ستاربكس. وكان كذلك حيث تم قبول شولتز كمدير للتسويق في متجر ستاربكس الصغير، وكانت هذه الخطوة هي الفصل الأول من قصة نجاح ستاربكس.
ماذا فعل شولتز للمساعدة في تحقيق نجاح ستاربكس؟
بعد التحاق شولتز بالوظيفة وبمرور الوقت اكتشف أن السوق كله يقدم نفس المنتجات تقريباً. حينها قـرر شولتز أن يبحث عن طريقة مختلفة للتسويق لنفس المنتجات، وكان ذلك التفرد سبباً في جعل ستاربكس ذا مكانة مختلفة في السوق. حيث قام شولتز بالسفر إلى إيطاليا للبحث عن عروض لشركته، فلاحظ أن القهوة الإيطالية مختلفة قليلا عن الأمريكية، التي هي عبارة عن مزيج من قهوة ونسكافيه واسبريسو. ذلك بالإضافة إلى أنه لاحظ أن الإيطاليين يفضلون تناول القهوة في مساحات واسعة، ويجلسون ساعات طويلة يتحدثون أثناء احتساء القهوة والنقاش.
لذلك بعدما عاد من إيطاليا عرض على ملاك ستاربكس فكرة تغيير طبيعة عمل الشركة، حيث يمكن بيع مشروبات القهوة بدلاً من حبوب القهوة المحمصة. فمشروبات القهوة الجاهزة تؤدي إلى جذب المزيد من العملاء، ولكن باءت فكرته بالرفض من قبل ملاك الشركة ولكن بعد إلحاح شديد وافق الملاك على وضع ماكينة قهوة اسبريسو في الفرع السادس. وعلى الرغم من نجاح الفكرة في استقطاب المزيد من العملاء قرر الملاك أن لا يعملوا في مجال مشروبات القهوة والاكتفاء بالعمل في بيع حبوب القهوة المحمصة والشاي. ولكن هذا بالطبع لم يرضي شولتز وقرر الاستقالة من ستاربكس في نهايات ١٩٨٥ حتى يقوم لتنفيذ فكرته بنفسه.
ميلاد ستاربكس الذي نعرفه…
بعد استقالة شولتز قرر تطبيق فكرته بنفسه فقام بافتتاح مقهى مميز على نفس النمط الإيطالي الذي رآه وعمل على تسويقه في مدينة سياتل. فكان ذلك المقهى يقدم مشروبات ساخنة و مخبوزات في ساحة واسعة تسمح للزبائن بالجلوس والنقاش ذات طابع مريح وعصري. وقد حقق المقهى نجاحاً كبيراً في زمن قياسي، الأمر الذي جعل شولتز واثقاً من قوة اختياراته التسويقية التي تبناها من البداية.
وبعد ذلك سنحت لشولتز فرصة تسويقية رائعة والتي حرص على اغتنامها وكانت تلك الفرصة ستاربكس. الشركة التي استقال منها والتي كانت تعاني من تعثر مالي كبير وكانت معروضة للبيع في ذلك الحين. بعقلية المسوق. كذلك أدرك شولتز على الرغم من أن ستاربكس شركة تقليدية للغاية، إلا أنها لديها علامة تجارية قديمة في السوق الأمريكي، فتقدم بعرض لشرائها فورا وقد نجح في ذلك.
بدأ شولتز في دمج أفكاره التسويقية في صناعة وتقديم منتج مختلف، وتغليفه باسم علامة تجارية معروفة. ثم بدأ بالتسويق لستاربكس داخل الولايات المتحدة والعالم باستخدام أسلوب الفرانشايز وبيع العلامة التجارية، وطرح الشركة في البورصة.
استمرت شبكة فروع ستاربكس في الانتشار حتى باتت تعمل في أكثر من ١٧٦ دولة حول العالم، وتقدم الملايين من أكواب القهوة والمشروبات الساخنة. هذا النجاح اللافت الذي جعل ستاربكس يتربع على قمة المقاهي عالمياً.
ولقد تحدثنا في مقال سابق عن تجربة ستاربكس الناجحة في الصين…
حيث نجحت ستاربكس في تقديم ثقافة القهوة إلى دولة لا تمتلكها، ومنذ أن بدأت ستاربكس نشاطها في الصين. حيث عملت بقوة على فهم الثقافة الصينية ووفقا لذلك عدلت استراتيجيتها المتبعة في السوق، والتزمت بالركائز الأساسية في المجتمع الصيني المتمثلة في الأسرة والمجتمع والمكانة. وركزت بدقة على احتياجات الشعب الصيني وأذواقهم في المنتجات المقدمة. حتى تصميمات الفروع التي أعدت خصيصا لتناسب العادات الصينية التي تلجأ إلى المساحات الكبيرة الواسعة للترحيب بالمجموعات والحشود على عكس فروع الولايات المتحدة الأمريكية المتميزة بكثرة الكراسي التي تناسب مستخدمي الكمبيوتر المحمول المنفردين.