يجب علينا معرفة الفرق الكبير بين الإعلان والتسويق؛ فالإعلان جزء بسيط من التسويق، كما لو لخصنا الفيزياء بنظرية الجاذبية فقط !
الكثير من الناس والمتخصصين أيضاً يعتمدون على الإعلان ويعتبرونه أنه كل شيء؛ حيث إنه في يوم ما كان يشتكي صاحب المشروع لمسؤول التسويق من ضعف المبيعات.
وكانت نصيحته لصاحب المشروع الذي كان يشتكي له بأن يروِّج مشروعه بواسطة ممثل مشهور يخبر الناس عنه في إعلان..
لكن هل هذه استراتيجية تسويقية صحيحة؟ هل الإعلان مع أي مشهور هو الحل الناجح دائماً لمشاكل انخفاض المبيعات؟
ما المشاكل الي تواجه الشركات التي تركز على إعلانات المشاهير فقط في أنشطتها التسويقية؟ هل هذا يكفي لتسويق منتج ما؟
في هذه المقالة سوف نحاول توضيح الفرق بين الإعلان ككل وبين التسويق، ونوضّح مفاهيم أثارت الجدل لفترات طويلة ..
سنناقش الخلط الأكبر لدى أفراد المجتمع حول مفاهيم التسويق، المبيعات، والإعلان. ونفهم لماذا البعض يلخّص ويختصر علم التسويق بمجمله في ” الإعلانات” فقط !
حيث إن هذا ما يجعل بعض الشركات تعمل بطريقة خاطئة، وتقوم بممارسات تسويقية مغلوطة تؤثر عليها وعلى سمعة الشركة ككل.
باختصار؛ عندما نقارن التسويق بالإعلان كأننا نلخّص علم الفيزياء بأكمله “بنظرية الجاذبية” لنيوتن ! لأن الخلط بين المفهومين يبخس حق عِلم كامل؛ قضى العلماء سنوات عديدة من أعمارهم ليقوموا ببناء أساسياته..
كيف نفرق بين الإعلان والتسويق؟
لنتمكّن من شرح الفرق بين التسويق والإعلان سنقوم بالتطرّق إلى مصطلح (المزيج التسويقي) والذي يعتبر مجموعة من أدوات التسويق التي تستخدمها الشركات لتحقيق أهدافها.
وهو نموذج يتكوّن من أربعة عناصر أساسية جميعها تبدأ بحرف P باللغة الإنجليزية، لذا يطلق عليه أيضًا 4Ps (كان المزيج التسويقي سابقاً يتكوّن من أربعة عناصر، وتطور المفهوم حتى صار يضم ثمانية عناصر)، سنتناول باختصار العناصر الأربعة الأساسية:
المنتـج (Product)
وهو العنصر الأساسي الذي يتم بناؤه عند لمس احتياج معين لدى الفئات المستهدفة، وقد يكون على شكل منتج مادي ملموس، أو خدمة غير ملموسة.
حين نتطرّق إلى المنتج؛ نحن لا نتحدّث عن المنتج بحد ذاته؛ بل نذهب إلى أبعد من ذلك؛ إلى القيمة المضافة للمنتج، ومدى تأثيره على حياة الناس.
السعـر (Price)
كما هو معروف أن عنصر السعر هو المقابل المادي الذي سيدفعه العميل مقابل الحصول على المنتج، وقد تختلف استراتيجيات التسعير باختلاف عدة عوامل..
المكـان (Place)
المقصود بعنصر المكان؛ هو قناة التوزيع التي سيتواجد بها المنتج ليتمكن العميل من الحصول عليه. هناك عدة خيارات لقنوات التوزيع، مثل أن يكون المنتج في محل تجاري، أو عبر الإنترنت، أو مكان آخر…
الترويج (Promotion)
عنصر الترويج؛ وهو العنصر المعني في هذه المقالة، يعرف بأنه العنصر المعني بترويج المنتجات أو الخدمات؛ بهدف رفع المبيعات.
وذلك عن طريق عدة طرق مثل: الترويج عن طريق فريق مبيعات متخصص، التسويق المباشر مثل: التسويق عبر الرسائل البريدية، أو التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو عيِّنات من المنتجات أو الكوبونات، وأخيرًا؛ الإعلان،
والذي يتم ترويجه عن طريق عدة وسائل من وسائل الميديا (قنوات التواصل الاجتماعي، التلفزيون، إعلانات الطرق، المجلات والصحف، الملصقات على الجدران، الحافلات).
نستنتج الآن من تعريف عناصر المزيج التسويقي أن: الإعلان جزء صغير من أجزاء الترويج الذي يعتبر عنصر من عدة عناصر تؤثر في استراتيجية التسويق للمنشأة.
وتعمل جنباً إلى جنب مع العوامل الأخرى مثل: العمل على المنتج، والقيمة المضافة الخاصة به، واستراتيجية التسعير، وقنوات التوزيع، بالإضافة إلى العناصر المؤثرة الأخرى.
هل يمكن التسويق دون إعلان ؟
ولنحاول فهم التسويق بشكل أكبر؛ فهو ينطلق من تلبية النشاط التجاري لرغبات واحتياجات العملاء؛ حيث إنك تحاول صنع قيمة مضافة ومنتج يتناسب مع احتياجات جمهورك المستهدف.
وتأكيداً على أن التسويق لا يتمحور حول الإعلانات فقط، سنتطرق إلى الممارسات والأنشطة التسويقية والتي تعتبر بعضها جزءا من “المزيج التسويقي” الذي سبق التطرق إليه، ويمكننا العمل عليها دون القيام بحملات إعلانية.
تجربة المستخدم:
وذلك يشمل تجربة المستخدم التقنية، أو تجربة المستخدم داخل المحلات، وإجراء العملية الشرائية بكل يسر وسهولة.
التغليف والتعليب:
تعليب المنتجات وتغليفها جزء من عنصر “المنتج” حيث إن التغليف الجيد يعكس صورة ذهنية جيدة لدى الناس عن منتجات الشركة.
المؤتمرات والفعاليات:
تعتبر بعض الفعاليات والمؤتمرات وسيلة تسويقية جيدة.
وأقرب مثال حول ذلك هو مؤتمرات “آبل” لإطلاق منتجات جديدة. يسبقها انتظار طويل وحماس قوي من قبل الجمهور المستهدف؛ بعضه يصل إلى الهوس والانتظار لساعات طويلة.
المحتوى التسويقي الرقمي:
تعزيز التواجد الرقمي في وسائل التواصل الاجتماعي عن طريق محتوى متنوع وتصاميم متناسقة.
وبالحديث عن المحتوى؛ هناك أنواع متعددة من المحتوى مثل: (المحتوى التفاعلي، الترويجي، التعريفي.. إلخ).
الخصومات والهدايا:
الخصومات والكوبونات أو الهدايا، تعتبر أنشطة تسويقية فعّالة جداً؛ فالعملاء يبحثون بشكل مستمر عن الخصومات والعروض الترويجية.
هناك العديد أيضاً من الممارسات التسويقية التي يمكن العمل عليها دون اللجوء إلى الإعلان.
تعامل الموظفين مع العملاء داخل المحلات يعتبر دور إدارة التسويق، وهي المعنية بتدريبهم لضمان جودة تجربة المستخدم.
مخاطر إنشاء إعلان
الإعلان يعتبر سيف ذو حدين: فإن لم تكن مستعدا، ولم تكن القدرة التشغيلية لمنشأتك قوية؛ فسيكون ضرر الإعلان أكبر من نفعه.
ستكثر الطلبات لديك، ويزورك الكثير من العملاء؛ لكنك لن تستطيع تلبية احتياجاتهم بسبب ضعف القدرة التشغيلية.
وقتها سيتم ترك صورة ذهنية سلبية لدى عملائك، وربما تخسرهم إلى الأبد..
ولكن إن كان لديك منتج رائع، وتجربة مستخدم جيدة، وقدرة تشغيلية عالية، وخدمة عملاء ممتازة؛
فستكون فرصة ذهبية لتقوم بحملة إعلانية؛ لأنك بكل بساطة لديك قيمة مضافة عالية وعليك إيصالها.
يجب أن تدرك أن هناك الكثير من الأعمال المشابهة لعملك التجاري، والعملاء لا يملكون الوقت للبحث الطويل.
لذا عليك أن تعزز صورة البراند الذهنية (العلامة التجارية) لديهم من خلال إعلانات إبداعية مستمرة تجذبهم وتجعلهم يتحمسون لاتخاذ إجراء سريع.
أنواع الإعلانات
تختلف الإعلانات باختلاف أهدافها التسويقية؛ فمنها ما لديها أهداف ترويجية لزيادة المبيعات، ومنها توعية لاسم البراند وتعزيز الصورة الذهنية، كما أن هناك إعلانات هدفها تغيير سلوك المستخدمين وغيرها من الأهداف…
اختيار الهدف من الإعلان يعود إلى الأهداف الاستراتيجية التسويقية، والتي ترتبط ارتباطا مباشرا باستراتيجية البزنس التي تحقق أهداف العمل التجاري.
مثال:
مثال رائع لشركة (زين) المشهورة التي ارتبطت دائماً بالعمل على إعلانات توعية تعزز الصورة الذهنية للبراند،
وتعتبر زين من أوائل الشركات التي تتفاعل مع العديد من المناسبات، مثل: رمضان/ العيد/ اليوم الوطني….
فقد أصبح الناس ينتظرون بفارغ الصبر الإعلان القادم لشركة زين، والذي عند إطلاقه يسير بسرعة فائقة في حديث الجميع عبر وسائل التواصل الاجتماعي. كما تميّزت زين بكلمات أغانيها المختارة بدقة، وبالموسيقى الخاصة بها.